هي حرب نشبت بين القوى
الأوروبية خلال أعوام 1914 و1918. بدأت الحرب حينما
أعلنت الإمبراطورية النمساوية المجرية الحرب على مملكة
صربيا في يوليو 1914 على إثر أزمة دبلوماسية نشبت بين البلدين
بسبب اغتيال ولي عهد النمسا الارشيدوق فرانز فرديناند مع وزوجته من قبل
طالب صربي يدعى غافريلو برينسيب أثناء
زيارتهما لسراييفو.
قامت روسيا بتعبئة قواتها بعد يوم
واحد من إعلان النمسا الحرب
على صربيا فعبئت ألمانيا قواتها في 30 يوليو ثم
عبئت في 1 أغسطس فرنسا قواتها، اعلنت ألمانيا الحرب
على روسيا في اليوم نفسه بعد أن وجدت عدم تجاوب الروس بشأن
طلب ألمانيا إلغاء التعبئة العامة للجيش ثم أعلنت الحرب
على فرنساواجتاحت بلجيكا مما دفع بريطانيا لدخول الحرب
بسبب خرق الألمان حياد بلجيكا، وقد كانت الدول الأوروبية قبل الحرب
مشكّلة من معسكرين أولهماالوفاق الثلاثي بين روسيا وفرنسا والمملكة
المتحدة، بينما تشكل الحلف الثلاثي من إمبراطورية
النمسا والمجر وألمانيا وإيطاليا على الرغم من
دخول إيطاليا الحرب في جانب الحلفاء.
استعملت لأول مرة الأسلحة
الكيميائية في الحرب العالمية الأولى كما تم قصف المدنيين من السماء لأول مرّة
في التاريخ.
شهدت الحرب ضحايا بشرية لم يشهدها التاريخ
من قبل وسقطت السلالات الحاكمة والمهيمنة على أوروبا والتي يعود منشأها
إلى الحملات الصليبية، وتم تغيير الخارطة السياسية لأوروبا.
تعد الحرب العالمية الأولى البذرة للحركات
الإيديولوجية كالشيوعية وصراعات مستقبلية كالحرب العالمية الثانية،
بل وحتى الحرب الباردة.
شكلت الحرب البداية للعالم الجديد ونهاية
الأرستقراطيات والملكيات الأوروبية، وكانت المؤجج للثورة البلشفية
في روسيا التي بدورها أحدثت تغيرًا في
السياسةالصينية والكوبية كما مهدّت الطريق للحرب الباردة بين
العملاقين، الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة. ويُعزى سطوع
بريق النازية لهزيمة ألمانيا في الحرب وترك الكثير من الأمور
معلقة حتى بعد الحرب. وأخذت الحروب شكلاً جديدًا في أساليبها
بتدخل التكنولوجيا بشكل كبير في الأمور الحربية ودخول أطراف لا طاقة لها
بالحروب ولا حمل وهي شريحة المدنيين. فبعدما كانت الحروب تخاض بتقابل جيشين
متنازعين في ساحة المعركة بعيدًا عن المدنية، فقد كانت المدن المأهولة بالسكان
ساحات للمعركة مما نتج عن سقوط ملايين الضحايا.
وكانت روسيا قد تعهدت بالدفاع عن
السيادة الصربية، فقامت روسيا بتحريك قواتها نتيجة ضغوط
الجنرالات الروس للدفاع عن الصرب. وطالبت ألمانيا من روسيا عدم تحريك القوات وأن تتراجع القوات الروسية
عن حالة الاستعداد، ولمّا لم تمتثل روسيا للمطالب الألمانية، أعلنت ألمانيا الحرب
على روسيا في 1 أغسطس 1914 ولحقتها بإعلان آخر
ضد فرنسا في 3 أغسطس.
الدوافع
1-نمو النزعات القومية
تجنبت أوروبا حرباً كبرى في المائة عام السابقة على الحرب العالمية الأولى ورغم أن حروبا صغيرة اشتعلت فإنها لم تضم دولا أخرى لكن فكرة اكتسحت القارة في القرن التاسع عشر ساعدت على بدء الحرب الكبرى تلك الفكرة كانت القومية وهي الاعتقاد أن الولاء لامة بعينها ولأهدافها السياسية والاقتصادية يسبق أي ولاء آخر وزاد هذا النزوع المبالغ فيه من الوطنية من احتمالات الحرب لأن أهداف أمة ما لابد أن تتعارض مع أهداف أمة أو مجموعة أمم أخرى بالإضافة إلى ذلك فإن الاعتزاز القومي كان من شأنه أن يجعل الأمم تضخم الخلافات البسيطة وتحولها قضايا كبرى وأصبح من الممكن أن تؤدي شكوى صغيرة إلى تهديد بالحرب لقد قويت القومية خلال سنوات القرن التاسع عشر بين أفراد الشعب الذين يشتركون في لغة واحدة وتاريخ أو ثقافة وقد أدى استعار المشاعر القومية إلى قيام دولتين جديدتين تأسستا على أساس من مبادئ القومية هما: ألمانيا وإيطاليا اللتان كانتا نتاجا لتوحد دويلات عديدة صغيرة وكان للحرب دور كبير في تحقيق التوحيد القومي في إيطاليا وألمانيا.
ولقيت السياسات القومية تأييدا عاطفيا عندما منحت دول كثيرة في غرب أوروبا حق التصويت لأناس أكثر وأعطى حق التصويت المواطنين اهتماما أكبر وإعجابا أعظم بالأهداف القومية.
ومن ناحية أخرى أضعفت القومية الإمبراطوريات الشرقية في النمسا ـ المجر روسيا والدولة العثمانية.
كانت هذه الإمبراطوريات تحكم مجموعات عرقيه ودول كثيرة تناضل من أجل الاستقلال وكانت الصراعات بين المجموعات القومية متفجرة في دول شبه جزيرة البلقان في الجنوب الشرقي من أوروبا وعرفت شبه الجزيرة بأنها برميل البارود في أوروبا لأن شعوبا كثيرة من البلقانيين كانوا جزءًا من الدولة العثمانية.
حصلت اليونان والجبل الأسود والصرب ورومانيا وبلغاريا وألبانيا على الاستقلال في الفترة من 1821 إلى 1913م لذلك فقد نشبت التوترات عندما احتكت كل دولة مع جيرانها بشأن الحدود وانتهزت النمسا ـ المجر وروسيا ضعف الدولة العثمانية لتزيدا من نفوذهما في البلقان.
وجاء التنافس من أجل السيطرة على البلقان ليزيد من التوترات التي أدت إلى تفجر الحرب العالمية الأولى وقادت صربيا حركة لتوحيد العنصر السلافي في المنطقة أما روسيا وهي أقوى الدول السلافية فقد أيدت صربيا لكن النمسا ـ المجر كانت تخشى القومية السلافية التي أدت إلى قلق في إمبراطوريتها حيث كان هناك ملايين من السلاف يعيشون تحت حكم النمسا ـ المجر. وفي سنة 1908م أغضبت النمسا ـ المجر صربيا بإلحاق البوسنة والهرسك إلى إمبروطوريتها، وكانت صربيا تريد السيطرة على هذه الأراضي لأن كثيراً من الصرب يعيشون هناك.
2بناء القوة الحربية
قبل أن تنفجر الحرب العالمية الأولى، وفي أواخر القرن الثامن عشر كان لدى ألمانيا أحسن جيش مدرب في العالم اعتمدت فيه على تجنيد عسكري لكل القادرين من الشباب لتزيد من حجم جيشها وقت السلم.
وسلكت أقطار أخرى نفس المسلك الذي سلكته ألمانيا وزادت من جيوشها المتحفزة وظلت بريطانيا في أول الأمر غير مهتمة بشأن بناء ألمانيا لقوتها حيث كانت دولة في جزيرة تعتمد على أسطولها للدفاع والزود عن اى خطر وكان أقوى أسطول في العالم فى ذلك الوقت.
أدى التقدم التقني في الأدوات والمعدات وأساليب التصنيع إلى زيادة القوة التدميرية للقوات الحربية وأصبحت المدافع والأسلحة الحديثة الأخرى أكثر دقة وأسرع من الأسلحة السابقة وأصبحت البواخر والسكك الحديدية قادرة على الإسراع في حركة القوات والإمدادات.
وفي نهاية القرن التاسع عشر ساعدت التقنيات الحديثة الأقطار على أن تشن حروبا أطول وتتحمل خسائر أفدح من ذي قبل.
ورغم ذلك فإن الخبراء العسكريين أصروا على أن الحروب القادمة سوف تكون أقصر امدا".
3 نظام التحالفات العسكرية
أعطت التحالفات القوى الأوروبية إحساسا بالأمن قبل الحرب العالمية الأولى وكان كل قطر يسعى إلى عدم تشجيع أعدائه بالهجوم عليه بالدخول في اتفاقيات عسكرية مع بلد أو بلدان أخرى.
فمثل هذه الاتفاقية تضمن مساعدة أعضاء التحالف لهذا القطر لكن هذا النظام خلق أخطارا معينة.
إذ إن اندلاع الحرب يضطر أعضاء التحالف الأخرى إلى الدخول في الحرب وهذا يعني أن عددا من الأمم سوف تشترك في القتال الذي لن يقتصر على الطرفين المتنازعين وكان التحالف يعني أن يضطر بلد ما إلى أن يعلن الحرب ضد بلد آخر أو الدخول في شأن لايهمه.
بالإضافة إلى ذلك فإن بنود كثير من التحالفات ظلت سرا وكانت السرية من شأنها أن تزيد من فرص إساءة حكم البلد على نتائج أعماله.
4 التحالف الثلاثي
كانت ألمانيا في قلب السياسة الأوروبية الأجنبية منذ سنة 1870م وحتى نشوب الحرب العالمية الأولى حيث كون المستشار أوتو فون بسمارك رئيس وزراء ألمانيا سلسلة من التحالفات لتقوية أمن بلده فبدأ بتحالف مع النسما ـ المجر.
وفي سنة 1879م اتفقت ألمانيا والنمسا ـ المجر أن تشتركا في الحرب إذا ما هوجم أي بلد منهما من جانب روسيا ثم انضمت إيطاليا إلى التحالف سنة 1882م وأصبح هذا التحالف يعرف بالتحالف الثلاثي.
اتفق أعضاء التحالف الثلاثي أن يساعد كل منهم الآخر في حال وقوع أي عدوان من بلدين أو أكثر.
ثم جعل بسمارك النمسا ـ المجر وألمانيا تدخلان في تحالف مع روسيا وكان هذا التحالف الذي عرف بعصبة الأباطرة الثلاثة قد تكون سنة 1881م.
اتفقت القوى الثلاث على أن تظل على الحياد إذا اشتركت واحدة منها في حرب مع قطر آخر وحث بسمارك النمسا ـ المجر وروسيا المتنافستين حول النفوذ في البلقان بأن تعترف كل منهما بنفوذ الأخرى في المنطقة ومن ثم قلل من شأن خطر الاحتكاك بين البلدين.
وساءت علاقات ألمانيا مع البلدان الأوروبية الأخرى بعد ترك بسمارك السلطة سنة 1890م.
لقد عمل بسمارك على أن يحُول بين فرنسا جارة ألمانيا في الغرب وبين أن تتحالف مع دولة أخرى من جيران ألمانيا في الشرق أي مع روسيا والنمسا.
وفي سنة 1894م اتفقت روسيا وفرنسا على تعبئة قواتهما إذا ما عبأت أمة أخرى من دول التحالف الثلاثي قواتها.
كما اتفقت فرنسا وروسيا على أن تساعد كل منهما الأخرى إذا ما هوجمت إحداهما من جانب ألمانيا.
5 الوفاق الثلاثي
اتبعت بريطانيا سياسة خارجية خلال القرن التاسع عشر عرفت بالعزلة المجيدة.
لكن بناء ألمانيا لقواتها البحرية جعل بريطانيا تشعر بالحاجة إلى حلفاء وأنهت بذلك عزلتها.
وفي سنة 1904م سوت كل من فرنسا وبريطانيا خلافاتهما الماضية حول المستعمرات ووقعتا الاتفاق الودي.
وعلى الرغم من أن الاتفاق لم يتضمن أية التزامات بمساعدة حربية إلا أن البلدين بدءا مناقشة خططهما الحربية المشتركة.
وفي سنة 1907م انضمت روسيا إلى الحلف الودي وأصبح يعرف بالوفاق الثلاثي ولم يرغم الوفاق الثلاثي أعضاءه أن يشتركوا في الحرب مثلما تضمن التحالف الثلاثي لكن التحالفات قسمت أوروبا إلى معسكرات متنازعة.
تجنبت أوروبا حرباً كبرى في المائة عام السابقة على الحرب العالمية الأولى ورغم أن حروبا صغيرة اشتعلت فإنها لم تضم دولا أخرى لكن فكرة اكتسحت القارة في القرن التاسع عشر ساعدت على بدء الحرب الكبرى تلك الفكرة كانت القومية وهي الاعتقاد أن الولاء لامة بعينها ولأهدافها السياسية والاقتصادية يسبق أي ولاء آخر وزاد هذا النزوع المبالغ فيه من الوطنية من احتمالات الحرب لأن أهداف أمة ما لابد أن تتعارض مع أهداف أمة أو مجموعة أمم أخرى بالإضافة إلى ذلك فإن الاعتزاز القومي كان من شأنه أن يجعل الأمم تضخم الخلافات البسيطة وتحولها قضايا كبرى وأصبح من الممكن أن تؤدي شكوى صغيرة إلى تهديد بالحرب لقد قويت القومية خلال سنوات القرن التاسع عشر بين أفراد الشعب الذين يشتركون في لغة واحدة وتاريخ أو ثقافة وقد أدى استعار المشاعر القومية إلى قيام دولتين جديدتين تأسستا على أساس من مبادئ القومية هما: ألمانيا وإيطاليا اللتان كانتا نتاجا لتوحد دويلات عديدة صغيرة وكان للحرب دور كبير في تحقيق التوحيد القومي في إيطاليا وألمانيا.
ولقيت السياسات القومية تأييدا عاطفيا عندما منحت دول كثيرة في غرب أوروبا حق التصويت لأناس أكثر وأعطى حق التصويت المواطنين اهتماما أكبر وإعجابا أعظم بالأهداف القومية.
ومن ناحية أخرى أضعفت القومية الإمبراطوريات الشرقية في النمسا ـ المجر روسيا والدولة العثمانية.
كانت هذه الإمبراطوريات تحكم مجموعات عرقيه ودول كثيرة تناضل من أجل الاستقلال وكانت الصراعات بين المجموعات القومية متفجرة في دول شبه جزيرة البلقان في الجنوب الشرقي من أوروبا وعرفت شبه الجزيرة بأنها برميل البارود في أوروبا لأن شعوبا كثيرة من البلقانيين كانوا جزءًا من الدولة العثمانية.
حصلت اليونان والجبل الأسود والصرب ورومانيا وبلغاريا وألبانيا على الاستقلال في الفترة من 1821 إلى 1913م لذلك فقد نشبت التوترات عندما احتكت كل دولة مع جيرانها بشأن الحدود وانتهزت النمسا ـ المجر وروسيا ضعف الدولة العثمانية لتزيدا من نفوذهما في البلقان.
وجاء التنافس من أجل السيطرة على البلقان ليزيد من التوترات التي أدت إلى تفجر الحرب العالمية الأولى وقادت صربيا حركة لتوحيد العنصر السلافي في المنطقة أما روسيا وهي أقوى الدول السلافية فقد أيدت صربيا لكن النمسا ـ المجر كانت تخشى القومية السلافية التي أدت إلى قلق في إمبراطوريتها حيث كان هناك ملايين من السلاف يعيشون تحت حكم النمسا ـ المجر. وفي سنة 1908م أغضبت النمسا ـ المجر صربيا بإلحاق البوسنة والهرسك إلى إمبروطوريتها، وكانت صربيا تريد السيطرة على هذه الأراضي لأن كثيراً من الصرب يعيشون هناك.
2بناء القوة الحربية
قبل أن تنفجر الحرب العالمية الأولى، وفي أواخر القرن الثامن عشر كان لدى ألمانيا أحسن جيش مدرب في العالم اعتمدت فيه على تجنيد عسكري لكل القادرين من الشباب لتزيد من حجم جيشها وقت السلم.
وسلكت أقطار أخرى نفس المسلك الذي سلكته ألمانيا وزادت من جيوشها المتحفزة وظلت بريطانيا في أول الأمر غير مهتمة بشأن بناء ألمانيا لقوتها حيث كانت دولة في جزيرة تعتمد على أسطولها للدفاع والزود عن اى خطر وكان أقوى أسطول في العالم فى ذلك الوقت.
أدى التقدم التقني في الأدوات والمعدات وأساليب التصنيع إلى زيادة القوة التدميرية للقوات الحربية وأصبحت المدافع والأسلحة الحديثة الأخرى أكثر دقة وأسرع من الأسلحة السابقة وأصبحت البواخر والسكك الحديدية قادرة على الإسراع في حركة القوات والإمدادات.
وفي نهاية القرن التاسع عشر ساعدت التقنيات الحديثة الأقطار على أن تشن حروبا أطول وتتحمل خسائر أفدح من ذي قبل.
ورغم ذلك فإن الخبراء العسكريين أصروا على أن الحروب القادمة سوف تكون أقصر امدا".
3 نظام التحالفات العسكرية
أعطت التحالفات القوى الأوروبية إحساسا بالأمن قبل الحرب العالمية الأولى وكان كل قطر يسعى إلى عدم تشجيع أعدائه بالهجوم عليه بالدخول في اتفاقيات عسكرية مع بلد أو بلدان أخرى.
فمثل هذه الاتفاقية تضمن مساعدة أعضاء التحالف لهذا القطر لكن هذا النظام خلق أخطارا معينة.
إذ إن اندلاع الحرب يضطر أعضاء التحالف الأخرى إلى الدخول في الحرب وهذا يعني أن عددا من الأمم سوف تشترك في القتال الذي لن يقتصر على الطرفين المتنازعين وكان التحالف يعني أن يضطر بلد ما إلى أن يعلن الحرب ضد بلد آخر أو الدخول في شأن لايهمه.
بالإضافة إلى ذلك فإن بنود كثير من التحالفات ظلت سرا وكانت السرية من شأنها أن تزيد من فرص إساءة حكم البلد على نتائج أعماله.
4 التحالف الثلاثي
كانت ألمانيا في قلب السياسة الأوروبية الأجنبية منذ سنة 1870م وحتى نشوب الحرب العالمية الأولى حيث كون المستشار أوتو فون بسمارك رئيس وزراء ألمانيا سلسلة من التحالفات لتقوية أمن بلده فبدأ بتحالف مع النسما ـ المجر.
وفي سنة 1879م اتفقت ألمانيا والنمسا ـ المجر أن تشتركا في الحرب إذا ما هوجم أي بلد منهما من جانب روسيا ثم انضمت إيطاليا إلى التحالف سنة 1882م وأصبح هذا التحالف يعرف بالتحالف الثلاثي.
اتفق أعضاء التحالف الثلاثي أن يساعد كل منهم الآخر في حال وقوع أي عدوان من بلدين أو أكثر.
ثم جعل بسمارك النمسا ـ المجر وألمانيا تدخلان في تحالف مع روسيا وكان هذا التحالف الذي عرف بعصبة الأباطرة الثلاثة قد تكون سنة 1881م.
اتفقت القوى الثلاث على أن تظل على الحياد إذا اشتركت واحدة منها في حرب مع قطر آخر وحث بسمارك النمسا ـ المجر وروسيا المتنافستين حول النفوذ في البلقان بأن تعترف كل منهما بنفوذ الأخرى في المنطقة ومن ثم قلل من شأن خطر الاحتكاك بين البلدين.
وساءت علاقات ألمانيا مع البلدان الأوروبية الأخرى بعد ترك بسمارك السلطة سنة 1890م.
لقد عمل بسمارك على أن يحُول بين فرنسا جارة ألمانيا في الغرب وبين أن تتحالف مع دولة أخرى من جيران ألمانيا في الشرق أي مع روسيا والنمسا.
وفي سنة 1894م اتفقت روسيا وفرنسا على تعبئة قواتهما إذا ما عبأت أمة أخرى من دول التحالف الثلاثي قواتها.
كما اتفقت فرنسا وروسيا على أن تساعد كل منهما الأخرى إذا ما هوجمت إحداهما من جانب ألمانيا.
5 الوفاق الثلاثي
اتبعت بريطانيا سياسة خارجية خلال القرن التاسع عشر عرفت بالعزلة المجيدة.
لكن بناء ألمانيا لقواتها البحرية جعل بريطانيا تشعر بالحاجة إلى حلفاء وأنهت بذلك عزلتها.
وفي سنة 1904م سوت كل من فرنسا وبريطانيا خلافاتهما الماضية حول المستعمرات ووقعتا الاتفاق الودي.
وعلى الرغم من أن الاتفاق لم يتضمن أية التزامات بمساعدة حربية إلا أن البلدين بدءا مناقشة خططهما الحربية المشتركة.
وفي سنة 1907م انضمت روسيا إلى الحلف الودي وأصبح يعرف بالوفاق الثلاثي ولم يرغم الوفاق الثلاثي أعضاءه أن يشتركوا في الحرب مثلما تضمن التحالف الثلاثي لكن التحالفات قسمت أوروبا إلى معسكرات متنازعة.
6 التنافس
الاستعماري
لقد أدى تقدم الثورة الصناعية إلى تطور النزعة الاستعمارية تطورا حادا جعل من تصريف
البضائع والحصول على المواد الأولية وتوظيف رؤوس الأموال قضية من القضايا
الأوروبية الملحة التي لم يجد رجال السياسة حلا لها إلا عن طريق امتلاك المستعمرات
فكان لابد من التصادم والنزاع بين القوى المستعمرة ذاتها.
كذلك برز النزاع حول السيطرة على البحار خاصة بين بريطانيا التي تعتبر نفسها سيدة البحار وألمانيا الموحدة التي
طورت أسطولها بسرعة فائقة، كما اشتدت الخلافات بين ألمانيا وفرنسا حول مقاطعتي الألزاس واللورين التين ضمتهما ألمانيا إليها بعد حرب 1870 ولم تتفق الدولتان أيضا حول أسبقية كل منهما في احتلال المغرب الأقصى.
وقد عرف النزاع بينهما حول هذا البلد (المغرب) أزمتين
حدثت الأولى في 1905 و1906 وعبرت خلالها ألمانيا عن تمسكها بمصالحها التجارية في هذا البلد. أما الأزمة
الثانية فقد وقعت في سنة 1911 وذلك إثر دخول القوات الألمانية إلى أغادير وتهديد فرنسا باللجوء إلى استعمال القوة أيضا الأمر الذي اضطر فرنسا إلى التنازل عن جزء من مستعمرة الكونغو لألمانيا مقابل إطلاق يدها في المغرب الأقصى.
7 التحالفات
أدى التنافس الشديد بين القوى الأوروبية من أجل توسيع
مجالها الاستعماري إلى عقد اتفاقيات سرية وإقامة تحالفات عسكرية، فكانت كل من إنجلترا وفرنسا تبعًا للوفاق الودي عام 1904 قد تحالفتا، وقام الحلف الثلاثيبين ألمانيا وإمبراطورية النمسا المجر وإيطاليا وهي حليف غير ثابت سرعان ما خرجت منه إيطاليا وأخذت مكانها الدولة العثمانية بعد أن كانت قد وقعت حلفا مع ألمانيا.
وقد أفضت هذه التحالفات إلى حصول تسابق نحو التسلح برز
بالخصوص من خلال التمديد في فترة الخدمة العسكرية وزيادة عدد القوات المسلحة في كل
من ألمانيا وفرنسا وروسيا.
8 سباق
التسلح
أزدادت حدة سباق التسلح بين القوى الأوروبية وسعت ألمانيا إلى بناء إمبراطورية استعمارية في أراضي ما وراء البحار
فزادت في حجم أسطولها البحري الأمر الذي دفع بريطانيا في تعزيز اسطولها وقيامها
بإطلاق البارجة"HMS
Dreadnought" عام 1906 السفينة التي ألغت كل ما كان قبلها من سفن، وسعت بريطانيا وألمانيا على وجه الخصوص على تعزيز أساطيلهم.
ويظهر الجدول التالي نفقات القوى العظمى على الجيش
والبحرية بالمارك الألماني عام 1913.
الدولة
|
السكان
(مليون نسمة) |
نفقات الجيش
(مليون مارك) |
نفقات سلاح البحرية
(مليون مارك) |
المجموع
(مليون مارك) |
الإمبراطورية الألمانية
|
67,5
|
1009
|
467
|
1476
|
الإمبراطورية النمساوية المجرية
|
52,7
|
496
|
155
|
651
|
مملكة إيطاليا
|
35,1
|
332
|
205
|
537
|
الإمبراطورية الروسية
|
157,8
|
1254
|
498
|
1752
|
فرنسا
|
39,7
|
766
|
412
|
1178
|
المملكة المتحدة
|
46
|
576
|
945
|
1521
|
الولايات المتحدة الأمريكية
|
96,8
|
422
|
595
|
1017
|
الإمبراطورية اليابانية
|
54,3
|
207
|
203
|
410
|
10 حادثة
سراييفو
في 28 يونيو 1914، اغتيل وريث العرش النمساوي "فرانز فرديناند"وزوجته أثناء زيارتهما لسراييفو في منطقة البوسنة والهرسك على يد الطالب الصربي "جافريلو برينسيب" مما أجج النقم النمساوي على الصرب وأشعل فتيل الحرب العالمية الأولى.
الحرب
الأمم
المتحاربة
يبين الجدول التاريخ الذي دخلت فيه كل دولة من دول التحالف ودول الوسط الحرب العالمية الأولى :
الحلفاء :
روسيا...................................1 أغسطس 1914م
البريـطانية الإمبراطورية...........4 أغسطس 1914م
بلجيكا...................................4 أغسطس 1914م
الجبل الأسود..........................5 أغسطس 1914م
الصين...................................14أغسطس 1914م
البرتغال................................9 مارس 1916م
البرازيل................................26 أكتوبر 1917م
كوبــا...................................7 أبريل 1917م
بنما.......................................7 أبريل 1917م
الولايات المتحدة.....................6 أبريل 1917م
اليونان..................................2 يوليو 1917م
كوستاريكا............................23 مايو 1918م
نيكاراجوا..............................8 مايو 1918م
هاييتي..................................12 يوليو 1918م
جواتيمالا................................23 أبريل 1918م
دول الوسطى :
صربيا....................................28 يوليو 1914م
النمسا ـ المجر.........................28 يوليو 1914م
ألمانيا...................................1 أغسطس 1914م
بلغاريا...................................14 أكتوبر 1915م
الدولة العثمانية......................31 أكتوبر 1914م
سان مارينو............................3 يونيو 1915
سيام.....................................22 يوليو 1917م
رومانيا..................................27 أغسطس
يبين الجدول التاريخ الذي دخلت فيه كل دولة من دول التحالف ودول الوسط الحرب العالمية الأولى :
الحلفاء :
روسيا...................................1 أغسطس 1914م
البريـطانية الإمبراطورية...........4 أغسطس 1914م
بلجيكا...................................4 أغسطس 1914م
الجبل الأسود..........................5 أغسطس 1914م
الصين...................................14أغسطس 1914م
البرتغال................................9 مارس 1916م
البرازيل................................26 أكتوبر 1917م
كوبــا...................................7 أبريل 1917م
بنما.......................................7 أبريل 1917م
الولايات المتحدة.....................6 أبريل 1917م
اليونان..................................2 يوليو 1917م
كوستاريكا............................23 مايو 1918م
نيكاراجوا..............................8 مايو 1918م
هاييتي..................................12 يوليو 1918م
جواتيمالا................................23 أبريل 1918م
دول الوسطى :
صربيا....................................28 يوليو 1914م
النمسا ـ المجر.........................28 يوليو 1914م
ألمانيا...................................1 أغسطس 1914م
بلغاريا...................................14 أكتوبر 1915م
الدولة العثمانية......................31 أكتوبر 1914م
سان مارينو............................3 يونيو 1915
سيام.....................................22 يوليو 1917م
رومانيا..................................27 أغسطس
الحرب عام 1914
بعد حادثة سراييفو التي قتل فيها وريث
العرش النمساوي "فرانز فرديناند"
أرسلت الحكومة النمساوية
رسالة ذات 10 نقاط للحكومة الصربية بمثابة تهديد وقبل الصرب الشروط باستثناء شرط واحد.
بعد شهر من الأزمة أعلنت النمسا الحرب على صربيا في 28 يوليو 1914، وبهذا الإعلان بدأت آلية التحالفات الأوروبية في العمل وعندما
بدأت روسيا بالتعبئة ضد النمسا ـهنغاريا، أعلنت ألمانيا الحرب ضد روسيا في 1 أغسطس. غير أنها أعلنت الحرب كذلك على فرنسا في 3 أغسطس، وبدأت غزوها للأراضي الفرنسية عبر اختراق بلجيكا، الأمر الذي دفع بريطانيا لإعلان الحرب على ألمانيا في 4 أغسطس بسبب خرقها لحياد بلجيكا فيما أعلنت الإمبراطورية النمساوية المجرية الحرب على روسيا.
وبقيت إيطاليا لفترة على الحياد، في رغبةٍ منها لعدم الانجرار للوقوف
مع أحد الأطراف قبل أن تتّضح حقيقة الموقف، كما كانت الولايات المتحدة في عزلة وراء البحار، أماالدولة العثمانية المعادية تاريخيًا لروسيا، والتي تنامت ارتباطاتها بألمانيا، فلم تدخل الحرب حتى 29 أكتوبر حين قام أسطولها بقصف الموانئ الروسية على البحر الأسود.
التسلسل الزمني لإعلانات الحرب
|
||
التاريخ
|
الدولة المعلنة للحرب
|
الدولة المعلن عليها الحرب
|
28 يوليو 1914
|
النمسا-المجر
|
صربيا
|
1 أغسطس 1914
|
ألمانيا
|
روسيا
|
3 أغسطس 1914
|
ألمانيا
|
فرنسا
|
3 أغسطس 1914
|
ألمانيا
|
البلجيك
|
4 أغسطس 1914
|
بريطانيا
|
ألمانيا
|
5 أغسطس 1914
|
الجبل الأسود
|
النمسا-المجر
|
6 أغسطس 1914
|
النمسا-المجر
|
روسيا
|
6 أغسطس 1914
|
صربيا
|
ألمانيا
|
6 أغسطس 1914
|
الجبل الأسود
|
ألمانيا
|
12 أغسطس 1914
|
فرنسا وبريطانيا
|
النمسا-المجر
|
15 أغسطس 1914
|
اليابان
|
ألمانيا
|
2 نوفمبر 1914
|
روسيا
|
الدولة العثمانية
|
5 نوفمبر 1914
|
فرنسا وبريطانيا
|
الدولة العثمانية
|
23 مايو 1915
|
إيطاليا
|
النمسا-المجر
|
14 أكتوبر 1915
|
بلغاريا
|
صربيا
|
9 مارس 1916
|
ألمانيا
|
البرتغال
|
27 أغسطس 1916
|
رومانيا
|
النمسا-المجر
|
28 أغسطس 1916
|
إيطاليا
|
ألمانيا
|
6 أبريل 1917
|
الولايات المتحدة
|
ألمانيا
|
7 أبريل 1917
|
بنما وكوبا
|
ألمانيا
|
27 يونيو 1917
|
اليونان
|
ألمانيا
|
22 يوليو 1917
|
سيام
|
ألمانيا
|
4 أغسطس 1917
|
ليبيريا
|
ألمانيا
|
14 أغسطس 1917
|
الصين
|
ألمانيا
|
26 أكتوبر 1917
|
البرازيل
|
ألمانيا
|
7 نوفمبر 1917
|
الولايات المتحدة
|
النمسا-المجر
|
11 ديسمبر 1918
|
انتهاء الحرب
|
بعد أن دخلت فرنسا إلى الحرب بدأت ألمانيا
في تنفيذ خطتها لغزو فرنسا التي وضعت قبل تسع سنوات وتقضي خطة شليفن الألمانية إلى مهاجمة فرنسا عبر الأراضي البلجيكية بهدف
السيطرة على فرنسا بشكل سريع، في 16 أغسطس اجتاحت القوات الألمانية أراضي مملكة
بلجيكا المحايدة لتدخل عبرها إلى الأراضي الفرنسية
حتى نهر المارن في شرق باريس حيث تحشدت قطاعات الجيش الفرنسي استعدادا للمعركة،
لتبدأ معركة المارن الأولى في 6 سبتمبر على بعد 55 ميلا من باريس، بعد فشل الألمان
في التقدم إلى باريس أقامت الوحدات الألمانية المتاريس والخنادق لتتحول الحرب منذ
ذلك الحين إلى حرب خنادق، أعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا لانتهاكها حياد بلجيكا.
في الجبهة الغربية، انتهزت روسيا فرصة انشغال القوات
الألمانية في فرنسا، وأرسلت جيشين أواخر أغسطس ليخترقا عمق في الأراضي الألمانية
في شرقي بروسيا لتطويق القوات الألمانية في روسيا الشرقية، الأمر الذي اضطر
ألمانيا إلى سحب ثلثي قواتها من فرنسا، وتمكنوا من محاصرة القوات الروسية في معركة تاننبرغ في 31 أغسطس.
بعد اندلاع الحرب في أوروبا امتدت المعارك
لتطال المستعمرات الألمانية فيما وراء البحار، حيث أعلنت اليابان الحرب على
ألمانيا في آخر أغسطس 1914 وطردت الألمان من عدة جزر في المحيط الهادئ، فيما سيطرت
القوات الأسترالية والنيوزلندية على المستعمرات الألمانية في المحيط الهادئ.
في البلقان عبر الجيش النمساوي المجري نهر درينا وهاجم الأراضي الصربية إلا الجيش النمساوي المجري قد
لاقى الهزيمة على يد القوات الصربية، في نهاية أكتوبر 1914 دخلت الإمبراطورية
العثمانية الحرب إلى جانب ألمانيا ضد روسيا وقصفت السفن التركية الموانئ الروسية
على البحر الأسود، ثم غزت القوات التركية روسيا، وفي نوفمبر أعلن الحلفاء الحرب
على الدولة العثمانية وقاموا بحملة عسكرية كبيرة على شبه جزيرة جاليبولي بهدف
إنشاء ممر بين البحر الأبيض والبحر الأسود، والاستيلاء على القسطنطينية.
إيطاليا بقيت خارج الحرب العالمية الأولى
طوال عام 1914 رغم أنها كانت عضوا في التحالف الثلاثي مع الإمبراطورية النمساورية
المجرية والإمبراطورية الألمانية، وادعت بأنها ليست ملتزمة بالانضمام للحرب لأن
الإمبراطورية النمساوية المجرية لم تدخل في حرب دفاعية.
الحرب عام 1915
استطاع الألمان عام 1915 تحقيق مزيد من الانتصارات على الحلفاء، فألحقوا الهزيمة
بالروس في معركة جورليس تارناو في مايو 1915، واحتلوا بولندا ومعظم مدنلتوانيا، وحاولوا قطع خطوط الاتصال بين الجيوش
الروسية وقواعدها للقضاء عليها، إلا أن الروس حققوا بعض الانتصارات الجزئية على
الألمان، كلفتهم 325,000أسير روسي، الأمر الذي لم يتمكن بعده الجيش الروسي من
استرداد قواه.
وأدى النجاح الألماني على الروس إلى إخضاع البلقان، وعبرت القوات النمساوية والألمانية نهر الدانوب لقتال الصرب وألحقوا بهم هزيمة قاسية.
واستطاع الألمان في ذلك العام أن يحققوا
انتصارات رائعة على بعض الجبهات، في حين وقفت الجبهة الألمانية ثابتة القدم أمام
هجمات الجيشين الفرنسي والبريطاني، رغم ظهور انزعاج في الرأي العام الإنجليزي من
نقص ذخائر الجيش البريطاني ومطالبته بتكوين وزارة ائتلافية، وحدثت تغييرات في القيادة العسكرية الروسية.
وفي 23 مايو 1915 أعلنت إيطاليا الحرب على الإمبراطورية النمساوية المجرية، تنفيذا لبنود اتفاقية لندن التي وعد من خلالها الحلفاء إيطاليا بالحصول على مكاسب
حدودية في حال حققوا الانتصار على دول المحور.
الحرب عام 1916
تميز ذلك العام بمعركتين كبيرتين نشبتا على
أرض فرنسا دامت إحداهما سبعة أشهر، والأخرى أربعة أشهر، وهما معركتي فردان والسوم، تكبد الألمان خسائر في المعركة الأولى قدرت بـ 240 ألف قتيل وجريح، أما الفرنسيون فخسروا 275 ألفا.
أما معركة السوم فقد استطاع خلالها الحلفاء إجبار الألمان على التقهقر مائة ميل مربع، وقضت هذه المعركة على الجيش الألماني القديم، وأصبح
الاعتماد على المجندين من صغار السن، وخسر الجيش البريطاني في هذه المعركةستين ألف قتيل وجريح في اليوم الأول.
وظهرت في هذه المعارك الدبابة لأول مرة في
ميادين القتال، وقد استطاع الروس خلال ذلك العام القيام بحملة على النمسا بقيادة الجنرال بروسيلوف، وأسروا 450 ألف أسير من القوات النمساوية والمجرية؛ فشجع هذا الانتصار رومانيا على إعلان الحرب على النمسا والمجر، فردت ألمانيا
بإعلان الحرب عليها، واكتسح الألمان الرومانيين في ستة أسابيع ودخلوا بوخارست.
الثورة العربية الكبرى (1916)
كان العرب قد التفوا حول الشريف الحسين بن علي شريف مكة وحامي الديار المقدسة الإسلامية وقد كان بينه وبين الخلافة العثمانية جفاء وكانت تراوده هو وأبناءه آمال في إنشاء دولة عربية
كبرى ولما كانت بريطانيا حريصة على اجتذاب العرب إلى جانبها فقد دخلت في مفاوضات
سرية مع الشريف حسين وتم تبادل رسائل بين الشريف حسين ممثلا للعرب والسير هنري مكماهون مندوب بريطانيا في مصر والسودان في مراسلات حسين - مكماهون وأوضح فيها الشريف ما يشترطه العرب لدخول الحرب إلى
جانب بريطانيا وهذه الشروط تتلخص في استقلال البلدان العربية القائمة على الساحل
الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وإقامة دولة عربية كبرى تشمل مختلف أرجاء الوطن العربي
باستثناء مصر والشمال الإفريقي وعلى الرغم من الاختلاف مع مكماهون حول حدود الدولة العربية الموعودة دخل العرب الحرب إلى
جانب بريطانيا.
بدأت الثورة العربية الكبرى في 10 يونيو 1916 بإعلان الشريف حسين الجهاد المقدس والثورة على العثمانيين بمساعدة ضابط
الاستخبارات البريطانية توماس إدوارد لورنس، واستطاع أبناؤه السيطرة على الحجاز بمساعدة الإنجليز ثم تقدم ابنه فيصل بن الحسين نحو الشام ووصل بمساعدة الإنجليز إلى دمشق حيث خرج العثمانيون منها وأعلن فيها قيام الحكومة
العربية الموالية لوالده الذي كان قد أعلن نفسه ملكا على العرب غير أن الحلفاء لم
يعترفوا به إلا ملكا على الحجاز وشرق الأردن.
وعلى الرغم من تعهدات بريطانيا للعرب بقيام
دولة عربية كبرى فقد أجرت هذه الدولة مفاوضات واتفاقيات سرية مع فرنسا وروسيا
تناولت اقتسام الأملاك العثمانية بما فيها البلاد العربية ثم انفردت بريطانيا
وفرنسا في اتفاقية سرية عرفت باتفاقية سايكس بيكو 1916 نسبة إلى كل من المندوب البريطاني مارك سايكس والمندوب الفرنسيفرانسوا جورج بيكو وقد قاما بهذه المفاوضات التي فضح أمرها بعد الثورة البلشفية في روسيا سنة 1917 وفي السنة نفسها غدرت بريطانيا بالعرب مرة أخرى إذ وعد
العرب بتحرر ووعد لزعماء الصهاينة بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين من خلال ما عرف بوعد بلفور الصادر في 2 نوفمبر 1917.
التحول في مسار الحرب (1917)
أقامت دول الوفاق الثلاثي حصارا بحريًا ضد
دول التحالف الثلاثي بهدف خنقها اقتصاديا فرد الألمان بحرب غواصات استهدفت كل السفن حتى المحايدة منها بهدف منعها من
الوصول إلى بريطانيا وكان من بين السفن التي تم إغراقها عدد من السفن الأمريكية
الأمر الذي دفع بالولايات المتحدة الأمريكية إلى الدخول في الحرب إلى جانب دول الوفاق فأصبحت الحرب
عالمية.
حرب الغواصات والولايات المتحدة
خلال عام 1916 وقعت حرب بحرية في بحر الشمال بين الأسطول الألماني والإنجليزي عرفت باسم معركة جاتلاند.
وكان الأسطول الألماني قد
خرج من موانئه لمقاتلة الأسطول الإنجليزي على أمل رفع الحصار البحري المفروض على
ألمانيا، ولم تكن المعركة حاسمة إذ انسحب الألمان على الرغم من أنهم قد ألحقوا
بالأسطول الإنجليزي خسائر كبيرة، ولجأ الألمان في تلك الفترة إلى "حرب
الغواصات" بهدف إغراق أية سفينة تجارية دون سابق إنذار، لتجويع بريطانيا
وإجبارها على الاستسلام، غير أن هذه الحرب استفزت الولايات المتحدة، ودفعتها لدخول
الحرب في أبريل 1917، خصوصًا بعد أن علمت أن الألمان قاموا
بمحاولة لإغراء المكسيك لكي تهاجم الولايات المتحدة في مقابل ضم ثلاث ولايات
أمريكية إليها.
وكانت الولايات المتحدة قبل دخولها الحرب
تعتنق مذهب رئيس أمريكي الذي يقوم على عزلة أمريكا في سياستها الخارجية عن
أوروبا، وعدم السماح لأية دولة أوروبية بالتدخل في الشؤون الأمريكية، غير أن
القادة الأمريكيين رؤوا أن من مصلحة بلادهم الاستفادة من الحرب عن طريق دخولها.
وقد استفاد الحلفاء من الإمكانات والإمدادات
الأمريكية الهائلة في تقوية مجهودهم الحربي، واستطاعوا تضييق الحصار على ألمانيا
على نحو أدى إلى إضعافها.
انتصار دول الوفاق الثلاثي
شكل وصول القوات الأمريكية إلى فرنسا في يوليو 1917 تحولا هاما في مسار الحرب لأنها ساعدت جيوش الوفاق على
شن هجوم مضاد على الألمان فتراجع هؤلاء مئات الكيلومترات وفي الوقت
الذي كانت جيوش الوفاق قد قضت على قوات العثمانيين في العراق وسوريا ومصر وتقدمت نحو آسيا الصغرى نفسها. وفي البلقان أجبرت قوات الوفاق بلغاريا على الاستسلام في سبتمبر 1918 فطلبت الدولة العثمانية الصلح في أكتوبر من نفس السنة
وكذلك فعلت النمسا في بداية نوفمبر. فلم تجد ألمانيا بداً من الاستسلام ووقعت
الهدنة في 11 نوفمبر 1918 بعد أن فشلت في مواجهة تكتل الوفاق الثلاثي بمفردها.
الحرب عام 1917
شهد العام 1917 حدثا هاما على الجبهة الشرقية وهو نجاح الثورة البلشفية في روسيا وتوقيع البلاشفة صلح برست ليتوفسك مع الألمان في 1918، وخروج روسيا من الحرب. وشهد ذلك العام أيضًا قيام الفرنسيين
بهجوم كبير على القوات الألمانية بمساعدة القوات الإنجليزية، غير أن هذا الهجوم
فشل وتكبد الفرنسيون خسائر مروعة سببت تمردًا في صفوفهم، فأجريت تغييرات في صفوف
القيادة الفرنسية.
ورأى البريطانيون تحويل اهتمام الألمان إلى
الجبهة البريطانية، فجرت معركة باشنديل التي خسر فيها البريطانيون 300 ألف جندي بين قتيل وجريح، ونزلت نكبات متعددة في صفوف
الحلفاء في الجبهات الروسية والفرنسية والإيطالية، رغم ما حققه الحلفاء من
انتصارات على الأتراك ودخولهم العراق وفلسطين.
كما تميزت هذه السنة بتحقيق القوات
الألمانية والنمساوية انتصارًا كبيرًا على الإيطاليين في معركة كابوريتو بعد سلسلة من المعارك غير الحاسمة مثل معركة إيسونزو.
العودة إلى حرب الحركة (1917-1918)
كان لخروج روسيا من الحرب بعد نجاح الثورة
البلشفية أكتوبر 1917 وتوقيع زعيمها لينين معاهدة سلام منفصلة مع ألمانيا معاهدة بريست ليتوفسك 1918 دور حاسم في دفع ألمانيا إلى شن هجوم مكثف على فرنسا
بغية احتلالها قبل وصول الدعم الأمريكي غير أن توحد القوات البريطانية والفرنسية
بقيادة الجنرال الفرنسي فوش مكن حيث انتصرت فرنسا على ألمانيا وسميت بمعركة المارن 6-9 أكتوبر 1914 مما أدى بالقوات
الفرنسية بالانسحاب نحو الجنوب فلحقت بهم ألمانيا ووقعت معركة حصن فردان في فبراير 1916 المعركة التي أوقفت الزحف الألماني على فرنسا.
ودخلت الولايات المتحدة الحرب بجانب الحلفاء لهدف مكافحة الإرادة
الألمانية في السيطرة والنفوذ وعدم احترام الألمان لحياد بلجيكا وغزوها كما أدت
حرب الغواصات التي شنها الألمان والتي أساءت كثيرا للمصالح الاقتصادية الأمريكية
إلى دفع الولايات المتحدة الدخول في الحرب.
وبالإضافة إلى ذلك خشية أصحاب المصارف
وحكومة الولايات المتحدة من انكسار الحلفاء، وقد كانت المصارف الأمريكية قد أقرضت
بريطانيا وفرنسا أموال طائلة لتمكنها من شراء المواد الأولية والأغذية من الولايات
المتحدة، لذلك بدأ أصحاب المصارف ورجال الأعمال الأمريكان بدعوة الحكومة الأمريكية
للتدخل بجانب الحلفاء.
نهاية الحرب عام 1918
شجع خروج روسيا من الحرب القيادة الألمانية على الاستفادة من 400 ألف جندي ألماني كانوا على الجبهة الروسية وتوجيههم لقتال
الإنجليز والفرنسيين، واستطاع الألمان تحطيم الجيش البريطاني الخامس في مارس 1918،
وتوالت معارك الجانبين العنيفة التي تسببت في خسائر فادحة في الأرواح، والأموال،
وقدرت كلفة الحرب في ذلك العام بحوالي عشرة ملايين دولار كل ساعة.
وبدأ الحلفاء يستعيدون قوتهم وشن هجمات
عظيمة على الألمان أنهت الحرب، وقد عرفت باسم معركة المارن الثانية في يوليو 1918 وكان يوم 8 أغسطس 1918 يومًا أسود في تاريخ الألمان؛ إذ تعرضوا لهزائم شنيعة
أمام البريطانيين والحلفاء، وبدأت ألمانيا في الانهيار وأُسر حوالي ربع مليون ألماني في ثلاثة شهور، ودخلت القوات البريطانية كل خطوط
الألمان، ووصلت إلى شمال فرنسا، ووصلت بقية قوات الحلفاء إلى فرنسا.
واجتاحت ألمانيا أزمة سياسية عنيفة تصاعدت مع
توالي الهزائم العسكرية في ساحات القتال، فطلبت ألمانيا إبرام هدنة دون قيد أو
شرط، فرفض الحلفاء التفاوض مع الحكومة الإمبراطورية القائمة، وتسبب ذلك في قيام
الجمهورية في ألمانيا بعد استقالة الإمبراطور الألماني، ووقعت الهدنة التي أنهت الحرب في 11 نوفمبر 1918 بعد أربع سنوات ونصف من القتال الذي راح ضحيته عشرة ملايين من العسكريين، وجرح 21 مليون آخرين.
النتائج
أسفرت الحرب العالمية الأولى عن سقوط
الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية-المجرية وروسيا القيصرية، ثم سقوط
الإمبراطورية العثمانية عام 1341هـ-1924م وعن خسائر مادية وبشرية جسيمة وعن تراجع
الدور الرائد لأوروبا في توجيه سياسة العالم. أما أهم نتيجة لهذه الحرب فقد تمثلت
في قيام سلام منقوص يحتوي على جميع العناصر التي من شأنها إشعال الحرب العالمية الثانية.
والتي قامت في عام 1939.
وفي أثناء الحرب اضطرت الدول الأوروبية
المتحاربة إلى شراء الكثير من المعدات والمواد المعيشية من دول فتية لم تتعرض
أراضيها لأذى الحرب مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا والأرجنتين الأمر الذي جعل أوروبا مدينة لهذه الدول بعد الحرب. وقد
رأت أوروبا نفسها بعد الحرب مجبرة على دفع ديونها من احتياطي الذهب الذي كانت
تملكه وأدى ذلك إلى تراجع قيمة النقد الأوروبي وإلى ظهور التضخم المالي.
كانت الولايات المتحدة الأمريكية المستفيدة
الأولى من هذا الوضع على أساس أنها الدائنة الأولى لأوروبا قبل الحرب وخلالها. فقد
جمعت الولايات المتحدة بعد الحرب نتيجة تسديد أوروبا لديونها 45% من احتياطي الذهب في العالم فأصبحت بذلك أول دائن في العالم.
الخسائر البشرية والمادية
قدرت خسائر الحرب العالمية الأولى بـ بـ 8,538,315 قتيل ، و 21 مليون جريح ، و 7 مليون أسير ومفقود، وقد
أتت خسائر روسيا في رأس قائمة الخسائر البشرية تلتها خسائر كل من ألمانيا والنمسا
وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية.
أما أهم الخسائر المادية فقد وقعت في
الأراضي التي دارت فيها المعارك حيث أتلفت المحاصيل الزراعية وقضي على المواشي ودمرت مئات آلاف المنازل وآلاف المصانع إضافة إلى الأضرار التي لحقت بالسكك الحديدية وبمناجم الفحم التي غمرها هذا الطرف أو ذاك بالماء لمنع
استغلالها من قبل العدو.
ولذلك كان على الدول المتحاربة في مرحلة
السلام إعادة بناء ما دمرته الحرب وتحويل الصناعات الحربية إلى صناعات مدنية. لكن
قلة الأموال واليد العاملة التي قضت عليها الحرب عرقلت إلى حد كبير عملية إعادة
الاعمار المرجوة.
نرى من الجدول أدناه أن خسائر الدول في الحرب
العالمية الأولى بلغت أكثر من 37 مليون جندي بينهم أكثر من ثمانية ملايين قتيل.
الدولة
|
القتلى والوفيات
|
الجرحى
|
الأسرى والمفقودون
|
إجمالي الخسائر
|
الإمبراطورية الألمانية
|
1,773,700
|
4,216,058
|
1,152,800
|
7,142,558
|
الإمبراطورية الروسية
|
1,700,000
|
4,950,000
|
2,500,000
|
9,150,000
|
فرنسا
|
1,357,800
|
4,266,000
|
537,000
|
6,160,800
|
الإمبراطورية النمساوية المجرية
|
1,200,000
|
3,620,000
|
2,200,000
|
7,020,000
|
دول الكومنولث
|
908,371
|
2,090,212
|
191,652
|
3,190,235
|
إيطاليا
|
650,000
|
947,000
|
600,000
|
2,197,000
|
رومانيا
|
335,706
|
120,000
|
80,000
|
535,706
|
الإمبراطورية العثمانية
|
325,000
|
400,000
|
250,000
|
975,000
|
الولايات المتحدة
|
126,000
|
234,300
|
4,500
|
364,800
|
بلغاريا
|
87,000
|
152,390
|
27,029
|
266,919
|
صربيا
|
45,000
|
133,148
|
152,958
|
331,106
|
بلجيكا
|
13,716
|
44,686
|
34,659
|
93,061
|
البرتغال
|
7,222
|
13,751
|
12,318
|
33,291
|
اليونان
|
5,000
|
21,000
|
1,000
|
27,000
|
مونتينغرو
|
3,000
|
10,000
|
7,000
|
20,000
|
اليابان
|
300
|
907
|
3
|
1,210
|
المجموع
|
8,538,315
|
21,219,452
|
7,750,919
|
37,508,686
|
المصدر: Irving Werstein, “1914-1918: World War
I”, Cooper Square Publishers; Inc, New York, 1964.
السلام المنقوص
مؤتمر السلام (1919)
وافقت ألمانيا على توقيع الهدنة في 11 نوفمبر 1918 على أساس مبادئ ويلسون، وقد اعتقدت في حينه أن مؤتمر السلام الموعود
سوف يصدر مقرراته واتفاقياته مستلهما الأفكار السامية التي تضمنتها هذه المبادئ
ولكن شيئا من هذا لم يحصل فمؤتمر السلام الذي عقد أولى جلساته في باريس 18 يناير 1919 حضره ممثلون عن 32 دولة حليفة واستبعدت منه الدول المهزومة
وروسيا والدول المحايدة ولذلك كان هذا المؤتمر عبارة عن اجتماع عقدته الدول
المنتصرة لتتقاسم المغانم فيما بينها وتفرض إرادتها على فريق مهزوم مسلوب الإرادة،
وبالإضافة إلى ذلك فرض ممثلو ثلاث دول هي فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة
الأمريكية رأيهم على جميع رؤساء الوفود المشاركة في المؤتمر.
مطالب المؤتمرين
أظهر المؤتمر رغبة فرنسا وبريطانيا في توسيع
حدودهما واكتساب مستعمرات جديدة. فالفرنسيون لم يكتفوا بالمطالبة باستعادة منطقتي الألزاس واللورين من الألمان بل بالحصول أيضا على الضفة اليسرى لنهر الراين كمنطقة دفاعية وعلى منطقة السار الألمانية كمصدر للتزود بفحم حجري. وبالنسبة للمستعمرات اعتبر جورج كليمنصو رئيس الوزراء الفرنسي الذي كان رئيسا لوفد بلاده أن
محافظة فرنسا على مستعمراتها في شمال أفريقيا ووسطها وفي جنوب شرق آسيا بالإضافة إلى الانتداب الفرنسي على سورياولبنان أمور غير قابلة للنقاش.
أما رئيس وزراء بريطانيا رئيس وفد بلاده إلى
المؤتمر لويد جورج الذي اعترض على مطالب فرنسا الحدودية فقد طالب لبلاده
بوراثة المستعمرات الألمانية في أفريقيا وشرق آسيا وبالانتداب على مصر والسودان وفلسطين
والعراق متناسيا الوعد البريطاني باستقلال المشرق العربي تحت
راية الشريف حسين بن علي.
أما رئيس الوزراء الإيطالي أورلاندو فقد طالب باستعادة منطقتي ترانتان وتريستا إلى إيطاليا.
وانفرد الرئيس الأمريكي ويلسون من بين رؤساء
وفود الدول الكبرى بالمطالبة بإقامة عصبة الأمم وبأن تستلهم مقررات المؤتمر من مبادئه الأربعة عشر.
مقررات المؤتمر ونتائجها
قرر مؤتمر باريس تفكيك الإمبراطوريات الألمانية والنمساوية بإجراء
تعديلات على الحدود السياسية لدول أوروبا فظهرت على الخريطة الأوروبية دول جديدة
مثل المجر وتشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا وأجريت تغييرات جذرية في أنظمة حكم العديد من الدول
فاعتمدت كل من تركيا وألمانيا النظام الجمهوري وتحولت النمسا إلى جمهورية صغيرة أما روسيا فكانت قد تحولت من النظام القيصري إلى النظام الشيوعي وذلك بعد ثورة 1917 البلشفيةالتي قادها فلاديمير لينين.
معاهدة فرساي
في 28 يونيو 1919 وقع الألمان على معاهدة فرساي مع الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى بعد
مفاوضات دامت ستة أشهر، وتم تعديل المعاهدة فيما بعد في 10 يناير 1920 لتتضمّن الاعتراف الألماني بمسؤولية الحرب ويترتب على
ألمانيا تعويض الأطراف المتضرّرة ماليًا.
وتضمنت المعاهدة شروطًا قاسية أهمها اقتطاع
ما يقارب 25 ألف ميل مربع من الأراضي الألمانية وضمها إلى كل من بولندا والدانمرك وتشيكوسلوفاكيا، ومصادرة جميع المستعمرات الألمانية،
وتحميل ألمانيا وحدها مسؤولية الحرب وتسريح جيشها وبنود هذه المعاهدة كانت السبب
الذي جعل ألمانيا تتحين الفرص لإلغائها والانتقام من الذين فرضوها عليه.
وتمخّضت الاتفاقية عن تأسيس عصبة الأمم التي يرجع الهدف إلى تأسيسها للحيلولة دون وقوع صراع
مسلّح بين الدول كالذي حدث في الحرب العالمية الأولى ونزع الفتيل من الصراعات
الدولية.
وفيما يتعلق بالقيود العسكرية على ألمانيا،
فقد وضعت الاتفاقية ضوابط وقيود شديدة على الآلة العسكرية الألمانية لكي لا يتمكن
الألمان من إشعال حرب ثانية كالحرب العالمية الأولى، فقد نصّت على احتواء الجيش
الألماني على 100,000 جندي فقط وإلغاء نظام التجنيد الإلزامي الذي كان يعمل به في ألمانيا. ولا تستطيع ألمانيا إنشاء
قوة جوية والتقيد بـ 15،000 جندي للبحرية بالإضافة إلى حفنة من السفن الحربية بدون
غواصات حربية. ولا يحق للجنود البقاء في الجيش أكثر من 12 عامًا وفيما يتعلّق
بالضبّاط، فأقصى مدّة يستطيع الضباط البقاء بها في الجيش هي فترة 25 عامًا لكي
يصبح الجيش الألماني خاليًا من الكفاءات العسكرية المدرّبة.
ونصّت الفقرة 232 من المعاهدة على تحمّل
ألمانيا مسؤولية الحرب وتقديم التعويضات للأطراف المتضرّرة وقدّرت تلك التعويضات
بـ 269 مليار مارك ألماني وخفّض هذا المبلغ ليصبح 132 مليار مارك، ويفيد
الاقتصاديون أنه بالرغم من تخفيض الرقم الكلي لتعويضات الأطراف المتضرّرة، إلا أن
المبلغ يبقى مبالغًا فيه. وأثقلت الديون الملقاة على أعتاق ألمانيا كاهل الاقتصاد
الألماني مما سبب درجة عالية من الامتعاض الذي آل إلى إشعال الحرب العالمية
الثانية على يد أدولف هتلر.
الانتداب
وافق المؤتمر على المطالب الاستعمارية لكل من
بريطانيا وفرنسا وأقر بشرعية انتدابها على دول المشرق العربي بالرغم من اعتراض
الأمير فيصل بن الحسين الذي حضر المؤتمر بصفة مراقب.
قيام عصبة الأمم
وافق رؤساء الوفود المشاركة في مؤتمر الصلح
بالإجماع على قيام منظمة عصبة الأمم التي أصر عليها الرئيس الأمريكي ويلسون
وادخلها كبند أساسي في جميع المعاهدات التي وقعها المنتصرون مع المهزومين وقد كان
الهدف الأول للعصبة التي اتخذت مدينة جنيف في سويسرا مقرا لها حل الخلافات بين الدول بالوسائل السلمية وذلك
للمساعدة على خلق جو من التفاهم والثقة بين الشعوب.
لكن الأمور لم تجر في هذا الاتجاه إذ لم يكن
للعصبة عند إنشائها قوة عسكرية قادرة على تنفيذ مقرراتها كما أنها تحولت إلى أداة
لمصلحة المنتصرين في الحرب الأمر الذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية نفسها إلى
عدم المشاركة في عضويتها على الرغم من كونها صاحبة الفكرة في قيامها.
الوطن العربي تحت الانتداب
بدأ التطبيق الفعلي لمضمون اتفاقية سايكس بيكو سنة 1918 والمعارك لم تنته بعد وذلك حين قسم الجنرال اللنبي قائد الجيوش الحليفة في الشرق المناطق العربية إلى
ثلاث: واحدة إدارة فرنسية (الساحل) وواحدة بإدارة عربية (الداخل) والأخيرة بإدارة
بريطانية لكن التغطية الدولية لهذه الاتفاقية جاءت عبر مؤتمر الصلح في باريس سنة 1919 فقد طرح المؤتمر مفهوما جديدا للاستعمار هو الانتداب
الذي اقترحه الرئيس الأمريكي ويلسون ورئيس وزراء جنوب أفريقيا الجنرال سمطس وهو ينص على تولي دولة كبرى شئون الدولة التي لا عهد
لها بالحكم والتي خضعت لفترة طويلة لإحدى الإمبراطوريات المتداعية كالدولة
العثمانية فتساعدها الدولة المنتدبة حتى تصبح قادرة على إدارة شئونها بنفسها.
لكن المؤتمر السوري العام رفض اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور وأعلن قيام المملكة السورية ونصب الأمير فيصل ملكا عليها فانعقد المجلس الأعلى للحلفاء في مدينة سان ريمو الإيطالية في أبريل 1920 وقرر ردا على المؤتمر السوري تطبيق اتفاقية سايكس بيكو
التي تقضي بوضع سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي والعراق وفلسطين وشرق الأردن تحت الانتداب الإنجليزي وتعهد مؤتمر سان ريمو كذلك بالعمل على تطبيق وعد بلفور كما كانت بريطانيا
مرتبطة مع الإمارات العربية الواقعة على سواحل الخليج العربي وعمان بمعاهدات حماية كذلك فرضت بريطانيا حمايتها على مصر
والسودان وسيطرت إيطاليا على ليبيا واحتلت فرنسا ما تبقى من المغرب العربي وكرست سيطرتها على كل من تونس والمغرب والجزائر وموريتانيا والصومال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ارسل ما تراه مقترحا عبر التعليق .. حتى بمجهول