الحرب الإلكترونية . إنها حرب تجري بين جيوش
نظامية للدول، أو بين جيوش نظامية وتنظيمات شعبية، أو بين تنظيمات شعبية ودول، أو
حتى بين أفراد ودول .
الحرب الإلكترونية هي أبرز ثمار ثورة تكنولوجيا
المعلومات والإنترنت . إنها مدخل الفرد للتأثير الفاعل في الجماعة أو حتى للتفوق
عليها . أجل، مع الانترنت أصبح ممكناً القول إن العالم أصبح مكوّناً من أفراد وليس
فقط من جماعات ودول .
والتعريف
الاخر للحرب الإلكترونية هو
استعمل الطّيف الكهرومغناطيسي لمنع استعمال هذه الوسيلة من قبل الخصم،
في حين يتم استخدامها من جانب القوات الصديقة بأكثر الطرق فعالية. للحرب
الإلكترونية ثلاثة عناصر رئيسية: الدعم الإلكتروني، والهجوم الإلكتروني، والحماية
الإكترونية
من أبرز مظاهر
تفوق، بل انتصار، الفرد على الدولة ما حدث مؤخراً في “إسرائيل” . فقد استطاع فرد
مفرد، سعودي الجنسية، في التاسعة عشرة من عمره يسمي نفسه OXOMAR
من اختراق مواقع
إلكترونية تخصّ أفراداً ومصارف، والحصول على معلومات تتعلق بعشرات آلاف بطاقات
الائتمان العائدة ل”إسرائيليين”، وقام بنشرها على الملأ ما يمكّن اي شخص من شراء
ما يريد على الإنترنت باستخدام تلك البطاقات .
كما كشفت صحيفة
“يديعوت أحرنوت” (17/1/2012) أن الشاب السعودي المذكور حاول اختراق مواقع
إلكترونية “إسرائيلية” حساسة، بما في ذلك مواقع عدة لبنى تحتية ووزارات وإدارات حكومية
. أضافت الصحيفة أن الشاب أكد في تصريحات خاصة أدلى بها إلى موقعها (وإلى موقع
صحيفة “الأخبار” اللبنانية أيضاً) أنه يحاول إلحاق أضرار اجتماعية ومالية
ب”إسرائيل” انتقاماً منها على أعمال القتل والاعتداء على الفلسطينيين، وأن حرب غزة
2008-2009 كانت محفّزة له ليقوم بما قام به، إلى جانب تاريخ إسرائيل “الحافل
بالإبادات الجماعية التي لا تعدّ، مثل مجزرة صبرا وشاتيلا في لبنان، وأن نهاية
“إسرائيل” قريبة وأريد أن أبدأ بإنهائها في عالم الإنترنت” .
ويقول “أوأكس عمر”
OXOMAR إنه ليس قلقاً من
معرفة السلطات السعودية بمكانه، لأن “لا أحد يستطيع أن يجدني في العالم الرقمي،
لذلك لا يمكن لأحد ان يوقفني . أرفض الادعاءات “الإسرائيلية” بأنني عميل إيراني،
وأؤكد أنني شاب سعودي أعيش في مدينة الرياض” .
إلى ذلك، اخترقت
مجموعة من “قراصنة” شبكة الإنترنت (هاكرز) تسمي نفسها “جماعة الكابوس”
nightmare group مناصِرة
لكفاح الفلسطينيين ضد “إسرائيل” المواقع الإلكترونية للبورصة “الإسرائيلية” وشركة
“إلعال” للطيران وعدة مصارف كبرى، وتسببت بوقفها عن العمل فترة من الزمن . فهل
باتت الحرب الإلكترونية بديلاً من المقاومة العربية المسلحة ضد “إسرائيل” الساكنة
هذه الأيام؟
رد “قراصنة”
إنترنت “إسرائيليون” على “الهاكرز” العرب باختراق الموقع الالكتروني للبورصة
السعودية . غير أنه اتضح من اسم مجموعة القراصنة “الإسرائيلية”
“IDF Team” (طاقم جيش الدفاع
“الإسرائيلي”) أنها مجموعة نظامية وأن قرصنتها تمت، على ما يبدو، بقرار رسمي
“إسرائيلي” . فهل اعتبرت “إسرائيل” أن “أواكس عمر” و”جماعة الكابوس” هما تشكيلان
نظاميان؟ وهل قررت “إسرائيل” شن حرب إلكترونية في المقابل .
اللافت في
الاختراقات الإلكترونية التي نجح فيها “القراصنة” العرب أن “هيئة الحرب
السيبرنتيكية التي كان رئيس حكومة “إسرائيل” بنيامين نتنياهو قد أعلن عن تشكيلها
في أغسطس/آب الماضي، لم تستطع أن تفعل شيئاً لحماية المواقع الإلكترونية الرسمية
والخاصة، الأمر الذي أدى إلى توجيه انتقادات شديدة لها من جانب المؤسسات الخاصة
والمعلّقين السياسيين .
يطرح ما حدث
مؤخراً من “معارك” إلكترونية ضد “إسرائيل” مسألة الحرب الإلكترونية على صعيدي
الدول والتنظيمات الشعبية في المنطقة . صحيح أن أشكالاً من الحرب الإلكترونية جرى
اعتمادها بين “إسرائيل” وحزب الله في حرب ،2006 وبعدها ضد قطاع الاتصالات في
لبنان، إلا أنه لم يُبلّغ رسمياً عن قيام حرب إلكترونية بين “إسرائيل” وايّ دولة
عربية اخرى، في حين أن “إسرائيل والولايات المتحدة منخرطتان في حرب إلكترونية ضد
إيران . وقد تسبّبت هذه الحرب، مرة أو مرتين، في تعطيل أجهزة الطرد المركزي
الإيرانية ذات الصلة بالمنشآت النووية .
انها نوع اخر من الحروب
الحقيقة أن الحرب
الإلكترونية باتت الشكل الرائج والأكثر فعالية في حروب القرن الحادي والعشرين .
وليس أدل على ذلك من الدراسة المعمقة التي كان نشرها رئيس مركز تقييم الدراسات
الاستراتيجية وشؤون الميزانية اندرو كريبنيفيتش في عدد يوليو/تموز- أغسطس/آب 2009
من مجلة “فورن افيرز” الأمريكية النافذة بعنوان “أسلحة البانتاغون التالفة” التي
سلّط فيها الأضواء على الصراع الحاد بين الولايات المتحدة والصين في عالم
تكنولوجيا الاتصالات والسيبرنيتيك . وقد اتضح من دراسة كريبنيفيتش الرائدة أن تفوق
الصين في ذينك المجالين أصبح يمكّنها من التسلل إلى المواقع الإلكترونية في
القواعد العسكرية الأمريكية الممتدة من كوريا الجنوبية إلى اليابان ثم إلى جزيرة
“غوام” في المحيط الهادئ وصولاً إلى قواعدها في الخليج، أي ما يشكّل خط الدفاع
الأول عن أمنها القومي ومصالحها الاقتصادية في الشرقين الأقصى والأوسط، وبالتالي
تدمير أو تعطيل تلك المواقع الإلكترونية وما تحتويه من معطيات استراتيجية وخطط
عسكرية، أي كسب الحرب قبل أن تبدأ!
إلى ذلك، يؤكد
كريبنيفيتش ان العلوم قابلة للاكتناه والانتقال إلى جميع الشعوب، الأمر الذي ألغى
احتكار الولايات المتحدة للإنجازات العلمية ولتفوقها في هذا المجال . وعليه، أصبح
من الممكن أن تكون الشعوب، كما الجماعات والأفراد، في عالم العرب قد اكتنهت من
العلوم والفنون، لاسيما في حقل السيبرنيتيك، ما يمكّنها من خوض حرب إلكترونية كتلك
التي عانت “إسرائيل” من فصولها مؤخراً على يديّ “اوأكس عمر” و”جماعة الكابوس”
وغيرهما
في الحرب المادية تُعنى قواعد الاشتباك الحربي بشكل عام
بكيفية الرد على التهديد وحجم القوة المستخدمة وتحت أية ظروف والاسلحة المناسبة
للتعامل مع العدو ومقدار السلطة وحجم اتخاذ القرار الممنوحين للعناصر المولجة
بالأمن للإشتباك والبدء بإطلاق النار أو إيقافه. وعلى سبيل المثال ما هو الموقف
الذي يمكن ان يتخ [ … ]
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ارسل ما تراه مقترحا عبر التعليق .. حتى بمجهول